كورونا والسياسة في اليمن

تهامة نت/ متابعات

 

لم يكن محافظ محافظة تعز نبيل شمسان يتوقع أن تقوم قيادة الشرطة العسكرية بتسريب مقطع فيديو يظهر فيه موكبه وهو يمر من نقطة الهنجر متوجها إلى مدينة تعز وأن يتعرض لحملة تحريض وتخوين من قبل ناشطي حزب الإصلاح حملة التخوين والتحريض التي شنها ناشطو الإصلاح ضد المحافظ شمسان جاءت على خلفية ما تضمنه مقطع الفيديو الذي ظهر فيه موكب المحافظ وقد ارتكب ما يعتبره هؤلاء الناشطون – من وجهة نظرهم – جرما ومخالفة قانونية، حين تجاوز فرق قياس الحرارة التابعة لمؤسسة الشيخ حمود سعيد المخلافي في نقطة الهنجر والتي تقوم بقياس حرارة الأشخاص الداخلين إلى مدينة تعز.
حالة السخط والاستياء التي مارسها ناشطو حزب الاصلاح لم تأت في إطار قانوني ولا في إطار الاجراءات الصحية، بل جاءت في إطار سياسي وهو الاستياء من عدم تعامل المحافظ مع مؤسسة وليدة مدعومة من قطر الحليف الأبرز لحزب الإصلاح. في الأطر القانونية فإن مؤسسة الشيخ حمود سعيد المخلافي – والتي نظمت ما تقول إنها حملة لمواجهة فيروس كورونا في تعز – ليس لها تصريح قانوني حتى الآن، كما أن ممارستها لحملتها هذه تمت بدون التنسيق مع الجهات المختصة ممثلة بالسلطة المحلية ومكتب الصحة العامة والسكان بالمحافظة، ما يعني عدم قانونية الحملة.
في الجانب الصحي أيضا لا مشروعية لما تسمى بحملة مؤسسة الشيخ حمود سعيد المخلافي لمواجهة فيروس كورونا في تعز، حيث أن الحملة اكتفت بالجانب الاعلامي الترويجي للمؤسسة ومالكها والطرف السياسي الداعم لها والدولة الممولة لنشاطاتها والموجهة لسياستها، بينما في الجانب الصحي اقتصرت الحملة على وجود أجهزة لقياس درجة الحرارة – سعر الجهاز الواحد لا يتجاوز 150 ريالا سعوديا – تم وضع هذه الأجهزة في نقطة الهنجر التي تعد مدخل المدينة وليس مدخل المحافظة. وكيل محافظة تعز القيادي المؤتمري الشيخ عارف جامل انتقد محاولة اظهار الناشطين المتواجدين في نقطة الهنجر وكأنهم مختصون ولديهم الأجهزة التي تفحص الفيروس.
جامل قال في منشور له على صفحته بالفيس بوك إن الكل يعلم أن الأجهزة الموجودة في نقطة الهنجر أجهزة لقياس درجة الحرارة، وهي أجهزة عادية مخصصة لقياس درجة الحرارة وليست لفحص كورونا، وإن ما يتعلق بالأجهزة الخاصة بفحص الفيروس والمحاليل للأسف لم تصل بعد، والحملة الإعلامية المبالغ فيها وإظهار تعز أمام المانحين وكأنها لم تعد بحاجة لشيء خطأ”. مدير عام مكتب الصحة والسكان بتعز الدكتور عبدالرحيم السامعي هو الآخر قام بتعرية وفضح حملة المخلافي، حيث أكد أن الأجهزة الموجودة في نقطة الهنجر ليست خاصة باكتشاف فيروس كورونا وإنما هي عبارة عن ترمومترات لقياس حرارة الجسم.
السامعي أكد أيضا أن الفريق المتواجد في نقطة الهنجر عمال صحيين ومساعدي أطباء، مشيرا إلى أن هذه الفرق تعمل بدون تنسيق مع مكتب الصحة. حملة المخلافي تحولت إلى مادة لتناولات الناشطين في التحذير من سياسة حزب الإصلاح في انشاء مؤسسات وجمعيات لتكون ممرا للدعم الخارجي المتدفق على قيادات الحزب في الداخل، في ظل الحديث عن رصد دولة قطر لمبلغ عشرة مليون دولار ورصد سلطنة عمان لمبلغ ثلاثة مليون دولار لما يسمى بحملة مواجهة فيروس كورونا في تعز عبر مؤسسة الشيخ حمود المخلافي.
فحزب الإصلاح يرى في أزمة كورونا فرصة للاسترزاق والثراء وفقا لسياسة الحزب في استغلال الأزمات والتربح من معاناة الشعب، حيث تسابقت قيادات الحزب للاسترزاق من وراء هذه الأزمة، كما استغلتها سياسيا في تمرير الدعم الخارجي للحزب تحت غطاء الأعمال الخيرية والانسانية.
في الجهة الأخرى كانت ميليشيا الحوثي تستغل أزمة كورونا من خلال توظيفها وفقا لأفكار الجماعة المتطابقة مع الأفكار الايرانية المسكونة بنظرية المؤامرة، وتحميل ما يسميه الحوثيون بالعدوان المسؤولية عن الفيروس ورمي التهم عليه بمحاولة ادخال الفيروس لليمن في اشارة من الجماعة لدول التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
في هذا السياق قال زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في خطاب متلفز له إن فيروس كورونا المستجد “حرب بيولوجية”، وإن بعض الخبراء في الحرب البيولوجية يتحدثون عن عمل الأمريكيين منذ سنوات على الاستفادة من فيروس كورونا والعمل على نشره في مجتمعات معينة”.
وأضاف الحوثي إن بعض المجتمعات استُهدفت بما يقدم تحت عناوين إنسانية كإمكانيات معينة ملوثة بفيروسات تنقل أوبئة قاتلة كأدوات طبية أو مواد غذائية، وإن الأوبئة والأمراض قد تأتي بسبب العمل الممنهج والمقصود لنشر الضرر كالحرب البيولوجية في استخدام الفيروسات لنشر الأوبئة بمجتمعات معينة.
نظرية المؤامرة حضرت بقوة في خطاب الحوثي الذي قال إن شعبنا اليمني يواجه فيروسات من نوع آخر وهي فيروسات العدوان وجراثيم الخيانة في حرب مستعرة، كما أشار إلى أن أي وصول للكورونا إلى اليمن سيكون بفعل وإشراف أمريكي عبر أدواته السعودية والإمارات وسيتم التصدي له على أنه عمل عدائي.
كما حمل ما أسماها بدول الاستكبار وعلى رأسها أمريكا، المسؤولية بالدرجة الأولى عن نشر الأوبئة والأمراض والكوارث الموجودة في العالم، لافتا إلى أنه غير بعيد أن يكون هناك توجه أمريكي لنشر الوباء واستغلاله حتى لو أضر بالمجتمع الأمريكي نفسه. وتحدث الحوثي أنه يمكن لشركات يمتلكها اللوبي الصهيوني في أمريكا والتي ترى المصلحة الاقتصادية مبررًا لفعل أي شيء مهما كان مضرًا، ممكن أن تعمل على نشر وباء وتبتكر لقاحًا معينًا له بمبالغ مالية كبيرة جدًا كي تحقق ربحًا ماديا.
وأشار الحوثي إلى أن أمريكا وبعض الدول تمتلك مختبرات ضخمة بإمكانيات كبيرة تعمل على استعمال الفيروسات الضارة التي تنشر الأوبئة وتفتك بالبشر، مؤكدا أنه عرف عن الأمريكيين أنهم استخدموا سلاح نشر الأوبئة إما عبر السلاح أو بأشياء تقدم تحت غطاء إنساني. وأضاف الحوثي أنه من المتوقع أن يتجه الأمريكي لاستهداف الصين كبلد منافس اقتصاديا وحضاريًا، وفي أمتنا الإسلامية يركز أيضًا على مجتمعات داخل الأمة أو عليها بشكل عام، مشيرا إلى أنه من المهم أن نعي طبيعة الدور السلبي لقوى الشر كي نتجه لمناهضتهم ومواجهة دورهم التخريبي. الحوثي قال إن هناك أهمية كبرى لرؤية الأمريكي العداء والمحاسبة من المجتمع البشري ليرتدع عن ممارساته الإجرامية، داعيا لجعل أزمة كورونا فرصة لبناء واقع جديد للأمة تكون فيه بمستوى مواجهة التحديات.
رؤية الحوثي لأزمة انتشار فيروس كورونا جاءت متماهية مع الرؤية الايرانية للتعامل مع الفيروس والتي عبر عنها خطاب المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي الذي قال إن الولايات المتحدة متهمة بصناعة ونشر فيروس كورونا، مضيفا أن أمريكا أنتجت فيروسات خاصة بالجينات الإيرانية، واصفا الولايات المتحدة بأنها العدو الأخبث لإيران وقادتها محتالون ودجالون وظالمون وإرهابيون. خامنئي قال إنه في حال صحت الاتهامات الموجهة لأمريكا فإنها تريد من خلال عرضها تقديم المساعدة لإيران الإطلاع عن قرب على آثار الفيروس على المرضى الإيرانيين، ومن الممكن أن تعمل الولايات المتحدة على إرسال دواء إلى إيران يعمل على تكريس الفيروس فيها وليس علاجه. نظرية المؤمرة الايرانية التي تتهم أمريكا بالوقوف وراء صناعة ونشر الفيروس انعكس على سياسات الحوثيين المقرة من حكومة الانقلاب بصنعاء كتدابير احترازية لمنع تفشي وباء كورونا، حيث أقرت منع تنقل المواطنين اليمنيين من مناطق سيطرة الشرعية والتحالف إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وزارة الداخلية في حكومة الانقلابيين هددت بما أسمته الإجراءات المناسبة ضد كل من يثبت قيامه بتهريب أي شخص من الوافدين، أو إدخاله عبر المنافذ والممرات بأي طريقة، باعتبار هذا الفعل من الجرائم الجسيمة، مؤكدة أن هذه التدابير تأتي في إطار واجباتها لحماية المواطنين من وباء فيروس كورونا”.
التدابير المتخذة من الأطراف اليمنية للحد من انتشار فيروس كورونا في البلاد جاء وفقا للأجندة السياسية التي باتت تتحكم في قرارات القيادات اليمنية في مختلف المجالات، بينما يبقى الشعب هو الضحية الأولى لمثل هذه القرارات التي تتجاهل مصلحة أبناء الشعب لتحقيق ما تظن القيادات اليمنية أنها نجاحات سياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *