مليشيا الحوثي تفرض جبايات جديدة على الشاحنات في الضالع: تصعيد اقتصادي يثقل كاهل اليمنيين
استحدثت مليشيا الحوثي الإرهابية، مؤخرًا، نقطة ميزان جديدة في مدينة دمت بمحافظة الضالع، لفرض جبايات مالية إضافية على الشاحنات الثقيلة المارة عبر الطريق الحيوي الرابط بين صنعاء وعدن. تهدف هذه الخطوة، التي أفاد بها سائقون ومصادر محلية، إلى تعزيز إيرادات المليشيا بشكل غير مشروع، مما يزيد من تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن الذي مزقته الحرب منذ سنوات.
السياق والخلفية
لقد أدى الصراع المستمر في اليمن، الذي يدخل عامه التاسع، إلى تفتيت البلاد بشكل عميق، وتدمير بنيتها التحتية، وشل اقتصادها. لطالما شهدت المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وخاصة الطرق التجارية الحيوية، فرض المليشيا لجبايات وضرائب مختلفة ومتزايدة. وقد شكلت هذه الممارسات مصدر دخل ثابت ومهم للجماعة، غالبًا على حساب المدنيين والقطاع الخاص المتعثر، مما يفاقم معاناتهم اليومية. يعد الطريق الرابط بين صنعاء وعدن شريان حياة رئيسي لنقل السلع الأساسية والوقود، مما يجعل أي تعطيل أو تكلفة إضافية مفروضة على هذا المسار بمثابة ضربة مباشرة وقاسية للمواطنين اليمنيين في مختلف المحافظات.
تفاصيل الجباية الجديدة وتأثيراتها المباشرة
تستهدف نقطة التفتيش الجديدة في دمت بالضالع، بشكل خاص، شاحنات النقل الثقيل المحملة بالبضائع، وتجبرها على دفع “رسوم ميزان” إضافية غير قانونية تتجاوز الضرائب والرسوم الرسمية القائمة. أفاد سائقون أن هذا الميزان المعروف، الذي يقع على الطريق الرئيسي، قد أعيد تشغيله واستخدامه لغرض جمع الإيرادات القسرية، دون أي سند قانوني واضح. هذه الإجراءات تترجم مباشرة إلى زيادة كبيرة في التكاليف التشغيلية لشركات النقل الصغيرة والكبيرة، التي تعاني بالفعل من تقلب أسعار الوقود، ومخاطر الطرق، وتعقيد الإجراءات عند نقاط التفتيش المتعددة عبر مناطق السيطرة المختلفة. إن العبء المالي الإضافي المفروض على سائقي الشاحنات يؤدي حتمًا إلى ارتفاع تكاليف نقل البضائع الأساسية، والتي يتم تمريرها بعد ذلك بالكامل إلى المستهلك النهائي، مما يزيد من معاناته.
شهادات سائقين وتأثيرها على التجارة
عبر العديد من سائقي الشاحنات، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لدواع أمنية ومخاوف من الانتقام، عن إحباطهم الشديد وغضبهم من هذه الممارسات. قال أحد السائقين المخضرمين الذي ينقل إمدادات غذائية حيوية: “كل رحلة عبر المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تعني التنقل في متاهة من نقاط التفتيش العشوائية، وكل منها يطلب رسومًا مختلفة وغير مبررة”. وأضاف بمرارة: “هذا الميزان الجديد في دمت يضيف طبقة أخرى إلى بؤسنا اليومي. نحن بالكاد نغطي نفقاتنا الأساسية، وهذه الضرائب التعسفية تدفعنا نحو الإفلاس وتجعل عملنا مستحيلًا”. وذكر سائق آخر أن “التأخيرات الطويلة الناتجة عن نقاط التفتيش هذه، بالإضافة إلى الرسوم الباهظة، تعني دخلًا أقل بكثير لنا ولعائلاتنا، وأسعارًا أعلى بشكل جنوني للعائلات اليمنية التي تكافح بالفعل لتوفير الطعام والاحتياجات الأساسية”. هذه الشهادات تعكس الواقع المرير الذي يواجهه قطاع النقل والتجارة في اليمن.
التداعيات الاقتصادية والإنسانية
يحذر الاقتصاديون والخبراء من أن مثل هذه الجبايات التعسفية وغير القانونية تزيد من إضعاف الاقتصاد اليمني الهش الذي يعتمد بشكل كبير على الاستيراد. صرح الدكتور أحمد المخلافي، المحلل الاقتصادي المقيم في صنعاء، بأن “هذه الحواجز غير الجمركية الجديدة تعمل كضريبة إضافية ثقيلة على التجارة الداخلية، مما يخنق النشاط التجاري المشروع ويدفع التضخم إلى الارتفاع بمعدلات غير مسبوقة. ويكون التأثير أشد قسوة على السلع الأساسية مثل الغذاء والدواء والوقود، مما يؤثر بشكل مباشر وسلبي على القوة الشرائية للمواطنين العاديين الذين يعيش معظمهم تحت خط الفقر”. كما أعربت المنظمات الإنسانية الدولية عن قلقها البالغ، مشيرة إلى أن زيادة تكاليف النقل تعيق بشكل كبير إيصال المساعدات الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية والأدوية المنقذة للحياة، إلى ملايين المحتاجين في جميع أنحاء البلاد، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية. وقد سلطت الأمم المتحدة والعديد من تقاريرها الضوء مرارًا على الدور الحيوي لوصول المساعدات التجارية والإنسانية دون عوائق في جميع أنحاء اليمن.
آراء الخبراء والمنظمات الدولية
علق محلل أمني إقليمي، فضل عدم الكشف عن هويته، قائلاً: “إن استراتيجية مليشيا الحوثي لفرض جبايات غير قانونية على الطرق التجارية هي محاولة واضحة وممنهجة لتمويل جهودها الحربية وتمويل شبكاتها الخاصة وإثراء قياداتها، متجاهلة المعاناة الإنسانية الهائلة للشعب اليمني”. وأضاف: “هذا النمط المتكرر من الاستغلال الاقتصادي يقوض أي آفاق حقيقية للسلام والاستقرار الدائمين في اليمن، ويخلق اقتصادًا موازيًا غير شفاف يستفيد منه فقط النخبة الحاكمة والموالون لها”. وتشير بيانات أولية من الغرف التجارية المحلية والتقارير الميدانية إلى زيادة كبيرة وملحوظة في التكاليف التشغيلية للشركات التي تعتمد على النقل البري، حيث أبلغت بعض الشركات عن زيادة تصل إلى 30% أو أكثر في نفقات اللوجستيات خلال العام الماضي وحده بسبب تراكم مثل هذه الرسوم غير الرسمية. هذا يؤثر على قدرتها على الاستمرار ويؤدي لإغلاق بعضها.
ماذا يعني هذا للمستقبل؟
يشير إنشاء نقطة الجباية الجديدة هذه إلى استمرار التوجه الخطير نحو الضغط الاقتصادي المفرط الذي تمارسه مليشيا الحوثي على شرايين التجارة الحيوية في اليمن. من المرجح أن يؤدي ذلك إلى المزيد من الارتفاعات الحادة في أسعار السلع الأساسية، مما سيعمق الأزمة الإنسانية القائمة وقد يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي على نطاق أوسع في جميع أنحاء اليمن، وخاصة في المناطق التي تعتمد على هذه الطرق. تواجه المجتمع الدولي والوكالات الإنسانية تحديات متزايدة ومعقدة في تقديم المساعدات بكفاءة وفعالية. ومن المرجح أن تتضمن التطورات المستقبلية استمرار مراقبة هذه الاختناقات الاقتصادية، وتأثيرها على معيشة السكان، وربما تؤدي هذه الإجراءات إلى زيادة تعقيد أي مفاوضات سلام مستقبلية، حيث تصبح الروافع الاقتصادية أداة ضغط رئيسية. وسيكون التركيز الفوري على كيفية تأثير هذه التكاليف المتزايدة على أسعار السوق المحلية وقدرة منظمات الإغاثة على العمل بفعالية في بيئة مليئة بالعوائق.